كثيرًا ما أتساءل كيف يتمكن الموسيقيون المبصرون من تنسيق كل هذه الأمور في الوقت نفسه: عليهم النظر إلى النوتة الموسيقية، وإلى قائد الأوركسترا، والعزف على الآلة في آنٍ واحد. يبدو لي ذلك مهمة صعبة للغاية تتطلب تركيزًا هائلًا. أما أنا فعندما أعزف أكون غارقة تمامًا في الموسيقى، ولا شيء غير الموسيقى. ربما الأمر مختلف فقط بين من يرى ومن لا يرى…» تقول شيماء يحيى، عازفة الكمان الكفيفة في أوركسترا النور والأمل.
تضيف شيماء أن كثيرًا من الموسيقيين المبصرين الذين قابلتهم خلال مسيرتها قد أجابوها عن هذا التساؤل قائلين: «الأمر يعتمد على الطريقة التي يتعلم بها الشخص ويدرك بها الموسيقى ويتدرب عليها. لا فرق بين الموسيقيين المبصرين والمكفوفين. فالموسيقى موجودة دائمًا؛ الأمر يتعلق بكيفية تركيزك وكيفية توجيه انتباهك»، كما تنقل شيماء عنهم.
وتحدثت إليّ عن حبها العميق للموسيقى الكلاسيكية وكيف تخاطبها دائمًا، وتثير مشاعرها، وتهدئها وتثير فضولها. وكيف أنها عندما كانت في الثامنة من عمرها أُسرت بصوت آلة الكمان، ومن هناك بدأت رحلتها الإبداعية في معهد النور والأمل للموسيقى.
ذكرياتها وتجاربها الكثيرة منسوجة في نسيج الموسيقى نفسها. تشير إلى التحديات والمتعة التي تجدها في عمل يوهان شتراوس الدانوب الأزرق، وإلى الجمال الذي اكتشفته في المتتاليات الأوركسترالية لبِيلا بارتوك، ولقاءاتها الفريدة مع بيتهوفن، والبهجة التي تشعر بها عند عزف كسارة البندق لتشايكوفسكي. وتتحدث عن إعجابها بموزارت، الملحن الذي «يمنح أهمية كبيرة لكل آلات الوتريات، ويُخرج أفضل ما في الكمان الأول والثاني، حيث يحمل الثاني أجمل الألحان وأكثرها سحرًا»، كما تقول شيماء، التي تعزف الكمان الثاني.
واليوم، في أوائل الثلاثينيات من عمرها، أصبحت رحلة شيماء مع الموسيقى هي قصة حياتها، وهي في كثير من الجوانب تشبه قصص أكثر من أربعين امرأة أخرى في أوركسترا النور والأمل المصرية الفريدة من نوعها، المؤلفة من نساء كفيفات وضعيفات البصر.